فصل: تفسير الآيات (95- 96):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (95- 96):

{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)}
التفاوت بين درجات من قعد عن الجهاد من غير عذر، ودرجات من جاهد في سبيل الله بماله ونفسه، وإن كان معلوماً، لكن أراد سبحانه بهذا الإخبار تنشيط المجاهدين ليرغبوا، وتبكيت القاعدين ليأنفوا. قوله: {غَيْرُ أُوْلِى الضرر} قرأ أهل الكوفة، وأبو عمرو بالرفع على أنه وصف للقاعدين، كما قال الأخفش؛ لأنهم لا يقصد بهم قوم بأعيانهم، فصاروا كالنكرة، فجاز وصفهم بغير. وقرأ أبو حيوة بكسر الراء على أنه وصف للمؤمنين. وقرأ أهل الحرمين بفتح الراء على الاستثناء من القاعدين أو من المؤمنين، أي: إلا أولى الضرر، فإنهم يستوون مع المجاهدين. ويجوز أن يكون منتصباً على الحال من القاعدين، أي: لا يستوي القاعدون الأصحاء في حال صحتهم، وجازت الحال منهم؛ لأن لفظهم لفظ المعرفة. قال العلماء: أهل الضرر هم أهل الأعذار؛ لأنها أضرّت بهم حتى منعتهم عن الجهاد، وظاهر النظم القرآني أن صاحب العذر يعطى مثل أجر المجاهد، وقيل: يعطى أجره من غير تضعيف، فيفضله المجاهد بالتضعيف لأجل المباشرة. قال القرطبي: والأوّل أصحّ إن شاء الله للحديث الصحيح في ذلك: «إن بالمدينة رجالاً ما قطعتم، وادياً، ولا سرتم مسيراً إلا كانوا معكم أولئك قوم حبسهم العذر» قال: وفي هذا المعنى ما ورد في الخبر: «إذا مرض العبد قال الله تعالى: اكتبوا لعبدي ما كان يعمله في الصحة إلى أن يبرأ، أو أقبضه إليّ» قوله: {فَضَّلَ الله المجاهدين بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القاعدين دَرَجَةً} هذا بيان لما بين الفريقين من التفاضل المفهوم من ذكر عدم الاستواء إجمالاً، والمراد هنا: غير أولى الضرر حملاً للمطلق على المقيد، وقال هنا: {دَرَجَةً} وقال فيما بعد: {درجات} فقال قوم: التفضيل بالدرجة ثم بالدرجات، إنما هو مبالغة وبيان تأكيد.
وقال آخرون: فضل الله المجاهدين على القاعدين من أولى الضرر بدرجة واحدة، وفضل الله المجاهدين على القاعدين من غير أولى الضرر بدرجات، قاله ابن جريج، والسدّي، وغيرهما. وقيل: إن معنى درجة علوّاً، أي: أعلى ذكرهم، ورفعهم بالثناء والمدح، ودرجة منتصبة على التمييز، أو المصدرية لوقوعها موقع المرة من التفضيل، أي: فضل الله تفضيلة، أو على نزع الخافض، أو على الحالية من المجاهدين أي: ذوي درجة.
قوله: {وَكُلاًّ} مفعول لقوله: {وَعَدَ الله} قدّم عليه لإفادته القصر، أي: كل واحد من المجاهدين والقاعدين، وعده الله الحسنى، أي: المثوبة، وهي: الجنة. قوله: {أَجْراً} هو: منتصب على التمييز. وقيل: على المصدرية، لأن فضل بمعنى آجر، فالتقدير آجرهم أجراً. وقيل: مفعول ثان لفضل لتضمنه معنى الإعطاء. وقيل: منصوب بنزع الخافض. وقيل: على الحال من درجات مقدّم عليها، وأما انتصاب درجات ومغفرة ورحمة: فهي بدل من أجراً.
وقيل: إن مغفرة ورحمة ناصبهما أفعال مقدّرة، أي: غفر لهم مغفرة ورحمهم رحمة.
وقد أخرج البخاري، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} {والمجاهدون في سبيل الله} فجاء ابن أم مكتوم، وهو يمليها عليّ، فقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان أعمى، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وفخذه على فخذي: {غَيْرُ أُوْلِى الضرر}.
وقد أخرج هذا المعنى عبد بن حميد، والترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم من حديث البراء.
وأخرجه أيضاً سعيد ابن منصور، وأحمد، وأبو داود، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم وصححه، من حديث خارجة بن زيد ابن ثابت عن أبيه.
وأخرج الترمذي وحسنه، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: {لاَّ يَسْتَوِى القاعدون مِنَ المؤمنين غَيْرُ أُوْلِى الضرر} عن بدر، والخارجون إلى بدر.
وأخرجه عنه أيضاً عبد الرزاق، وعبد بن حميد، والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر.
وأخرج عبد بن حميد، والطبراني، والبيهقي عنه قال: نزلت في قوم كانت تشغلهم أمراض، وأوجاع، فأنزل الله عذرهم من السماء.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، عن أنس بن مالك قال: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم، ولقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن جريج في قوله: {فَضَّلَ الله المجاهدين بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القاعدين دَرَجَةً} قال: على أهل الضرر.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى} قال: الجنة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن جريج قال: كان يقال الإسلام درجة، والهجرة درجة في الإسلام، والجهاد في الهجرة درجة، والقتل في الجهاد درجة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن محيريز في قوله: {درجات} قال: الدرجات سبعون درجة ما بين الدرجتين عدو الفرس الجواد المضمر سبعين سنة.
وأخرج نحوه عبد الرزاق في المصنف، عن أبي مجلز.
وأخرج البخاري، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين، كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله، فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة».

.تفسير الآيات (97- 100):

{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)}
قوله: {توفاهم} يحتمل أن يكون فعلاً ماضياً وحذفت منه علامة التأنيث؛ لأن تأنيث الملائكة غير حقيقي، ويحتمل أن يكون مستقبلاً، والأصل تتوفاهم، فحذفت إحدى التاءين.
وحكى ابن فورك، عن الحسن أن المعنى تحشرهم إلى النار. وقيل تقبض أرواحهم، وهو الأظهر. والمراد بالملائكة: ملائكة الموت لقوله تعالى: {قُلْ يتوفاكم مَّلَكُ الموت الذي وُكّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11]. وقوله: {ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ} حال، أي: في حال ظلمهم أنفسهم، وقول الملائكة: {فِيمَ كُنتُمْ} سؤال توبيخ، أي: في أي شيء كنتم من أمور دينكم؟ وقيل المعنى: أكنتم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أم كنتم مشركين؟ وقيل: إن معنى السؤال التقريع لهم بأنهم لم يكونوا في شيء من الدين. وقولهم: {كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ في الأرض} يعني: مكة، لأن سبب النزول من أسلم بها ولم يهاجر، كما سيأتي، ثم أوقفتهم الملائكة على دينهم، وألزمتهم الحجة، وقطعت معذرتهم، فقالوا: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله واسعة فتهاجروا فِيهَا} قيل: المراد بهذه الأرض: المدينة، والأولى العموم اعتباراً بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو الحق، فيراد بالأرض كل بقعة من بقاع الأرض تصلح للهجرة إليها، ويراد بالأرض الأولى كل أرض ينبغي الهجرة منها. قوله: {مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} هذه الجملة خبر لأولئك، والجملة خبر إن في قوله: {إِنَّ الذين توفاهم الملئكة} ودخول الفاء لتضمن اسم إن معنى الشرط: {وَسَاءتْ} أي: جهنم {مَصِيراً} أي: مكاناً يصيرون إليه.
قوله: {إِلاَّ المستضعفين} هو استثناء من الضمير في مأواهم، وقيل: استثناء منقطع لعدم دخول المستضعفين في الموصول وضميره. وقوله: {مِنَ الرجال والنساء والولدان} متعلق بمحذوف، أي: كائنين منهم، والمراد بالمستضعفين من الرجال الزمني ونحوهم، والولدان كعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام، وإنما ذكر الولدان مع عدم التكليف لهم لقصد المبالغة في أمر الهجرة، وإيهام أنها تجب لو استطاعها غير المكلف، فكيف من كان مكلفاً، وقيل: أراد بالولدان المراهقين والمماليك. قوله: {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} صفة للمستضعفين، أو للرجال والنساء، والولدان، أوحال من الضمير في المستضعفين. وقيل: الحيلة لفظ عام لأنواع أسباب التخلص، أي: لا يجدون حيلة، ولا طريقاً إلى ذلك، وقيل: السبيل: سبيل المدينة: {فَأُوْلَئِكَ} إشارة إلى المستضعفين الموصوفين بما ذكر {عَسَى الله أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ} وجيء بكلمة الإطماع لتأكيد أمر الهجرة، حتى يظن أن تركها ممن لا تجب عليه يكون ذنباً يجب طلب العفو عنه.
قوله: {وَمَن يُهَاجِرْ في سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ في الأرض مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} هذه الجملة متضمنة للترغيب في الهجرة، والتنشيط إليها. وقوله: {فِى سَبِيلِ الله} فيه دليل على أن الهجرة لابد أن تكون بقصد صحيح، ونية خالصة غير مشوبة بشيء من أمور الدنيا، ومنه الحديث الصحيح: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
وقد اختلف في معنى قوله سبحانه: {يَجِدْ في الأرض مُرَاغَماً} فقال ابن عباس، وجماعة من التابعين، ومن بعدهم: المراغم المتحوّل والمذهب.
وقال مجاهد: المراغم المتزحزح.
وقال ابن زيد: المراغم المهاجر، وبه قال أبو عبيدة. قال النحاس: فهذه الأقوال متفقة المعاني، فالمراغم: المذهب والمتحول، وهو الموضع الذي يراغم فيه، وهو مشتق من الرغام، وهو: التراب، ورغم أنف فلان، أي: لصق بالتراب، وراغمت فلاناً: هجرته وعاديته، ولم أبال أن رغم أنفه. وقيل: إنما سمي مهاجراً، لأن الرجل كان إذا أسلم عادى قومه وهجرهم، فسمي خروجه مراغماً، وسمي مسيره إلى النبي صلى الله عليه وسلم هجرة. والحاصل في معنى الآية أن المهاجر يجد في الأرض مكاناً يسكن فيه على رغم أنف قومه الذين هاجرهم، أي: على ذلهم وهوانهم. قوله: {وسِعَةً} أي: في البلاد. وقيل: في الرزق، ولا مانع من حمل السعة على ما هو أعمّ من ذلك. قوله: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مهاجرا إِلَى الله وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الموت فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ الله} قرئ: {يدركه} بالجزم على أنه معطوف على فعل الشرط، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وبالنصب على إضمار أن. والمعنى أن من أدركه الموت قبل أن يصل إلى مطلوبه، وهو المكان الذي قصد الهجرة إليه أو الأمر الذي قصد الهجرة له: {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ الله} أي: ثبت ذلك عنده ثبوتاً لا يتخلف {وَكَانَ الله غَفُوراً} أي: كثير المغفرة {رَّحِيماً} أي: كثير الرحمة.
وقد استدل بهذه الآية على أن الهجرة واجبة على كل من كان بدار الشرك، أو بدار يعمل فيها بمعاصي الله جهاراً، إذا كان قادراً على الهجرة، ولم يكن من المستضعفين، لما في هذه الآية الكريمة من العموم، وإن كان السبب خاصاً، كما تقدّم. وظاهرها عدم الفرق بين مكان، ومكان وزمان وزمان.
وقد ورد في الهجرة أحاديث، وورد ما يدلّ على أنه لا هجرة بعد الفتح.
وقد أوضحنا ما هو الحقّ في شرحنا على المنتقى، فليرجع إليه.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر، فأصيب بعضهم، وقتل البعض، فقال المسلمون: قد كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت بهم هذه الآية: {إِنَّ الذين توفاهم الملئكة ظالمى أَنفُسِهِمْ} قال: فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية، وأنه لا عذر لهم، فخرجوا فلحقهم المشركون، فأعطوهم الفتنة، فنزلت فيهم هذه الآية: {وَمِنَ الناس مَن يِقُولُ ءامَنَّا بالله فَإِذَا أُوذِىَ في الله} [العنكبوت: 10] إلى آخر الآية فكتب المسلمون إليهم بذلك، فحزنوا، وأيسوا من كل خير، فنزلت فيهم: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجروا مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جاهدوا وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 110] فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجاً فاخرجوا، فخرجوا، فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا، وقتل من قتل.
وقد أخرجه البخاري وغيره عنه مقتصراً على أوله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله: {إِنَّ الذين توفاهم الملئكة} إلى قوله: {وَسَاءتْ مَصِيراً} قال: نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة، والحارث بن ربيعة بن الأسود، وقيس بن الوليد بن المغيرة، وأبي العاص بن منبه بن الحجاج، وعلي بن أمية بن خلف، قال: لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة، خرجوا معهم بشباب كارهين كانوا قد أسلموا، واجتمعوا ببدر على غير موعد، فقتلوا ببدر كفاراً ورجعوا عن الإسلام، وهم هؤلاء الذين سميناهم.
وأخرج نحوه عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن إسحاق.
وقد روي نحو هذا من طرق.
وقد أخرج البخاري، وغيره، عن ابن عباس أنه تلا هذه الآية: {إِلاَّ المستضعفين مِنَ الرجال والنساء والولدان} فقال: كنت أنا وأمي من المستضعفين أنا من الولدان، وأمي من النساء.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} قال: قوّة.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله: {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} قال: نهوضاً إلى المدينة: {وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} قال: طريقاً إلى المدينة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، عن مجاهد نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} قال: المراغم المتحوّل من أرض إلى أرض. والسعة: الرزق.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد: {مُرَاغَماً} قال: متزحزحاً عما يكره.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عطاء في قوله: {وسِعَةً} قال: ورخاء.
وأخرج أيضاً عن مالك قال: سعة البلاد.
وأخرج أبو يعلى، وابن أبي حاتم، والطبراني قال السيوطي: بسند: رجاله ثقات عن ابن عباس قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجراً، فقال لقومه احملوني، فأخرجوني من أرض الشرك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل الوحي: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مهاجرا إِلَى الله} الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من وجه آخر، عنه نحوه.
وأخرج ابن سعد، وأحمد، والحاكم وصححه، عن عبد الله بن عتيك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من خرج من بيته مجاهداً في سبيل الله، وأين المجاهدون في سبيل الله؟ فخرّ عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله، أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله، أو مات حتف أنفه، فقد وقع أجره على الله»، يعني بحتف أنفه على فراشه، والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، «ومن قتل قعصاً، فقد استوجب الجنة».
وأخرج أبو يعلى، والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج حاجاً فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازياً في سبيل الله فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة» قال ابن كثير: وهذا حديث غريب من هذا الوجه.